رئيس اتحاد الكرة السابق أحمد جبان في حوار خاص

رئيس اتحاد الكرة السابق أحمد جبان في حوار خاص مع « تشرين »: بعد مهزلة حرمان منتخبنا الكروي من التصفيات... الخطأ لا يصحح بالخطأ


دمشق
رياضة
الاثنين 12 أيلول 2011
أيمن فلحوط




لخص الدكتور أحمد جبان الرئيس السابق للاتحاد السوري لكرة القدم في حواره مع «تشرين» الأوجاع التي مر بها اتحاد كرة القدم، والتصرفات غير المقبولة التي كان من نتيجتها المهزلة التي ألمت بكرة القدم السورية، منع منتخبنا الوطني الأول من المشاركة في التصفيات الآسيوية لنهائيات كأس العالم التي ستقام في البرازيل عام 2014 وذلك في الدور الثالث نظراً لمشاركة اللاعب جورج مراد مع المنتخب، والذي سبق له أن مثل السويد، و كان بطل هذه المهزلة الاتحاد الحالي برئاسة السيد فاروق سرية، الذي يصر على أن اتحاده لم يخطئ، ويحاول بشتى الوسائل دون حل اتحاده، والذي أصبح مطلباً جماهيرياً قبل أن يكون مطلباً على مستوى القيادة الرياضية، والتي وصلت إلى القناعة التامة بأن أعمال الاتحاد وأفعاله لا يمكن أن تنصلح دون حل هذا الاتحاد، وانتخاب اتحاد جديد يعيد الهيبة لكرة القدم السورية، ولا يقع في المطبات التي وقع بها اتحاد فاروق سرية.

الدكتور جبان يتحدث عن مهزلة حرمان منتخب سورية من المشاركة في التصفيات بقوله: ‏

أعتقد أن الأخطاء المتعددة التي وقع بها اتحاد كرة القدم على أكثر من صعيد كفيلة بحل الاتحاد، وإبعاده عن قيادة كرة القدم السورية إلى الأبد، فما حصل على صعيد استبعاد المنتخب السوري من التصفيات العالمية، والتعاقدات مع المدربين الأجانب والهدر في المال العام، والتصرفات غير المقبولة في هذا الإطار، وإيقاف النشاط الكروي والتزوير في الترشيح على اللائحة الدولية للحكام، وتأخير بداية النشاط، وتسويق الدوري وغيرها من الأمور تدفع جميع المخلصين من أبناء الوطن للمطالبة بحل اتحاد اللعبة، وهو الإجماع الذي قلما حصل في اعتقادي منذ سنوات عديدة كما هو حاصل الآن. ‏

والشيء المؤسف في هذه المرحلة أننا نشاهد جميع دول الجوار ومنتخباتها تشارك في التصفيات، وتقام المباريات على أرضها وبين جماهيرها، وفي القارات كلها ونحن بعيدون عن ذلك. ‏

واللافت في تصفيات هذا العام من خلال متابعتي أن المستويات التي قدمت ليست بتلك المستويات القوية، وفي ضوء ذلك أعتقد أن منتخبنا كان يمكن له المضي قدماً في التصفيات والوصول إلى الدور الحاسم في التأهل إلى النهائيات، خاصة بعد أن وفرت له القيادة الرياضية مستلزمات الإعداد الجيدة. ‏




‏

وكان الكادر الفني والإداري موفقاً، وأعطى أمثلة على النجاح في العمل، وقدم الكابتن نزار محروس الكثير من الجهد للمنتخب، وعمل على تحقيق توليفة جديدة من اللاعبين، والمؤسف أن هذا الجهد ذهب منثوراً وضاعت فترة مثالية من التحضيرات امتدت حوالي السنتين، وما تخللها من مصاريف متعددة، كما أن الوارد المتحصل من تسويق المباريات في هذه المرحلة من التصفيات للدور الثالث يقدر بنحو مئة مليون ليرة سورية، وعند التأهل للدور الرابع الحاسم كنا سنحصل على أرقام مضاعفة قد تصل إلى ما يزيد على خمسة ملايين دولار على الأقل، وبالتالي جميع هذه الأرقام ذهبت سدى ودون أي إحساس بالمسؤولية. ‏

وكان لافتاً أنه بعد جملة هذه الأخطاء هناك من يردد وبحماقة أن ما حصل لا يعد إلا خطأ، متناسياً أن هذا الخطأ اغتال حلم (23) مليوناً سورياً كانوا ينتظرون من منتخب بلادهم أن يبصم في هذه التصفيات، وأن يقدم الجيل الحالي من المنتخب المنتظر منه، وبرأيي ما حصل ليس خطأ طبيعياً بل هو فعل متعمد، وهذا ليس جهلاً فقط بالقوانين والأنظمة، بل سذاجة ما بعدها من سذاجة مدمرة لكرة القدم السورية. ‏

ويظنون أنهم يعيشون في مجاهل إفريقيا، والاتحاد الدولي لكرة القدم حسب اعتقادهم لا يدرك ولا يعرف بالأخطاء، أو غير متابع للمنتخبات العالمية. ‏

ولنسأل أنفسنا إذا أردنا التغطية على أمر ما على الصعيد الكروي المحلي، هل يعقل أن لاعباً مثلاً من نادي البوكمال يمكن له اللعب مع نادي سراقب ونتجاهل ذلك، وبعدها نقول: ‏

إن أحداً لم يدرك ذلك ونتجاهل الأمر وكأن شيئاً لم يحصل، ونغير ونبدل القوائم كما نريد لإيجاد المبررات، بينما الوثائق في الاتحاد الدولي لكرة القدم معروفة ولجميع اللاعبين منذ عدة سنوات في سجلات الاتحاد. ‏

تبريرات غير منطقية وغير معقولة ‏

•يقول اتحاد اللعبة إن الآخرين يتصيدونه وهناك من أوشى بموضوع جورج مراد فما ردكم على هذا الكلام؟ ‏

••المقولة سخيفة للغاية والمحاولة مكشوفة لإلقاء النتيجة السلبية التي وصلنا إليها باتجاه الآخرين وتحميلهم المسؤولية عبر تبريرات غير منطقية وغير معقولة. ‏

ولا أعتقد أن مواطناً سورياً بمكن أن يفعل هذا الشيء، وجميع الناس يملكون من الوطنية والغيرة على الوطن والاعتزاز به، ولا أحد يمكن له المغامرة بوطنه والإساءة له، وإذا كان اتحاد اللعبة يخشى هذا الأمر، لماذا أوقع نفسه في الأساس في المحظور، والخطأ الكبير الجسيم الذي أساء لسمعتنا الكروية، ولا يوجد أي اتحاد كروي في العالم وقع في هذا الخطأ بين القارات كلها. ‏

وفعلاً إنه شيء معيب ووصمة عار في تاريخ كرة القدم السورية، والقرار المتخذ من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم هو من الصيغ الأساسية، وكان على اتحادنا أن يدرك ذلك. ‏

وأتساءل مجدداً لو كان لاعب يشارك مع نادي الفتوة هذا الموسم، وأراد الانتقال في الموسم الجديد إلى أحد أندية المجد أو الكرامة أو الوحدة، هل يقبل الاتحاد السوري لكرة القدم أن يتم ذلك؟ قبل أن يأتي اللاعب بكشف ويقدمه لاتحاد اللعبة، ويثبت للاتحاد ذلك بعد موافقة الناديين ليسمح له بالمشاركة مع ناديه الجديد، وإذا كان هذا الأمر يتم على مستوى الأندية المحلية فكيف سيكون على مستوى المنتخبات الوطنية المنضوية تحت راية الاتحاد الدولي لكرة القدم. ‏

أما المضحك والمبكي في الوقت ذاته أنهم حين خرجوا بمقولة إن المباراة التي لعبها مراد مع فرنسا كانت ودية، ولم يلعب في تلك المباراة، وهذا مؤشر آخر على جهلهم، لأن مجرد أن يسجل اللاعب اسمه على قائمة المباراة يعتبر مشاركاً بها في سجلات الاتحاد الدولي لكرة القدم، ومهما كان ترتيبه في تلك الورقة( 15 أو 16 أو 20) ‏

أمّا ما صدمني بشكل كبير وأزعجني فتمثل بإلصاق التهمة بالمدرب الوطني نزار محروس، وبرأيي لاعلاقة له بالأمر ودوره أن يبدي رأيه الفني في هذا اللاعب أو ذاك، وليس من مسؤوليته التأكد من أهلية اللاعب، وأحقيته في اللعب مع منتخب بلاده الأساسي، وتلك من المشاكل المعني به اتحاد اللعبة بكل مفاصله، وطالما أن علاقة منتخب الرجال حصرية مع رئيس الاتحاد، فالمسؤولية واضحة بدلالة أن أكثر من عضو في اتحاد اللعبة تحدث عن عدم علمه بأي شيء يخص منتخب الرجال، سواء أكان ذلك على صعيد الدعوات المخصصة للاعبين أم معسكراتهم وتجهيزاتهم ونفقات المنتخب، وذهب آخرون للقول: لا نعرف شيئاً عما يحصل في اتحاد كرة القدم. ‏

والسؤال الواقعي الذي يفرض نفسه.. هل يستطيع المدرب مثلاً أن يراسل أي اتحاد في العالم؟ ‏

أو تقبل منه أي مراسلة في السؤال عن أهلية هذا اللاعب أو ذاك، خاصة أن المراسلات التي لا تأتي من السكرتير التنفيذي لأي اتحاد غير معترف فيها، ولا تؤخذ على محمل الجد. ‏

قالوا: خاطبنا الاتحاد السويدي لكرة القدم ولم يرد علينا فاعتبروا أن ذلك كاف، وعلى مبدأ قلة الجواب جواب، وهذا مصطلح لا يمكن التعامل به في ميدان كرة القدم وخاصة العالمية، وهل يعني عدم الرد أن اللاعب أصبح سليماً، وكان المفترض باتحادنا الكروي أن ينتظر جواب الاتحاد السويدي، وكذلك رد الاتحاد الدولي وتحديداً لجنة اللاعبين المحترفين في الاتحاد الدولي، بالموافقة على نقل هذا اللاعب للعب مع منتخب سورية من خلال نقل كشفه من الاتحاد السويدي لكرة القدم إلى نظيره السوري، وعندها لا يحق له العودة مطلقاً إلى الاتحاد السويدي لكرة القدم. ‏

الاستقالة هي الحل الأنسب ‏

•لو كنت في موقع القرار رئيساً للاتحاد ماذا ستفعل في ضوء هذه المشكلة؟ ‏

••لا يمكن لأي إنسان شكل إساءة لكرة القدم السورية ولرياضة الوطن، وفي ظل هذا ‏

القرار القطعي من الاتحاد الدولي لكرة القدم،وجميع دول العالم بما حصل أن يبقى متمسكاً برئاسة الاتحاد، ويبقى في هذا الموقع ومن الطبيعي والأشرف له أن يسارع إلى الاستقالة رئيساً وأعضاء. وهذا الكلام ليس تنظيرياً أو تشف من أحد، بل هو قرار معقول في مصلحة الوطن وسمعته، لأن كرامة اكبر من سمعة الأشخاص وكذلك بقاؤهم في رئاسة الاتحاد. ‏

•هناك شواهد حية عن عدد من رؤساء اتحاد مهمة قدموا استقالاتهم لأنهم لم يحققوا النتائج المرجوة، وليس لأخطاء شنيعة وقعوا بها كما في الاتحاد السوري لكرة القدم، والمثال القريب هو استقالة الأمير سلطان بن فهد رئيس الاتحادين العربي والسعودي لكرة القدم بعد خروج المنتخب السعودي من الدور في بطولة كأس آسيا الأخيرة التي استضافتها قطر مطلع العام الحالي. ‏

••صحيح هذا الأمر، وهو شارك في البطولة، ولم يحقق منتخب بلاده النتائج المرجوة، أما نحن فطردنا ومنعنا من المشاركة في التصفيات، وكلمة طرد أم منع شيء رهيب جداً وجديد على كرتنا السورية، ولم يحصل ذلك مسبقاً، ولم تحدث إلا في عهد الاتحاد الحالي الذي يترأسه فاروق سرية، أضف لذلك أن الدوري المحلي لدينا متوقف منذ فترة. ‏

تكبيد الاندية أعباء مادية باهظة ‏

•هل إيقاف مسابقة الدوري أوجد مسوغاً للاتحاد الدولي لكرة القدم(الفيفا) لفرض عقوبة الحرمان من اللعب على أرضنا؟ ‏

••بتصرفنا هذا منحنا الاتحاد الدولي لكرة القدم المسوغات المهمة لمنعنا من اللعب على أرضنا وبين أنصارنا، ولو كان النشاط الرسمي غير متوقف من قبل اتحاد اللعبة، أعتقد أن الاتحاد الدولي لم يكن ليجرؤ على نقل مباريات منتخبنا إلى خارج حدود الوطن. ‏

يضاف إلى ذلك ما ينتج عن هذا الموقف من ضعف للاحتكاك بين الأندية واللاعبين، وتكبيد الأندية أعباء مادية باهظة جراء رواتب المدربين والإداريين واللاعبين والأطقم المساعدة، دون أن يكون لها أي عوائد مادية جراء توقف المباريات، وغياب الإعانة المادية من الاتحاد، وبالتالي توقف أنصار الأندية عن دعمها لشعورهم أن هذا الدعم لا يذهب إلى النشاط الرسمي جراء توقف المباريات الرسمية للدوري. ‏

وأعتقد أن العودة إلى المستوى الفني الذي كان عليه الدوري يحتاج في ضوء ذلك إلى مابين ثلاث إلى أربع سنوات. ‏

مهازل التعاقد مع المدربين الأجانب ‏

•ورأيك في المهازل التي حصلت في التعاقد مع المدربين الأجانب لجهة قدوم مدربين وذهابهم، وحصولهم على عوائد مادية تثير التساؤلات والحيرة في الوقت ذاته؟ ‏

••أسلوب التعاقد مع المدربين الأجانب خاطئ تماماً ومقولة إننا عمدنا إلى مراضاتهم حين تركوا العمل لدينا مرفوضة تماماً، لأن صيغة التعاقد يفترض أن تنظم بين الاتحاد والمدرب الأجنبي، وأن يكون الشرط الجزائي حاضراً بين الطرفين، وفي حال أخل أي طرف من الأطراف بالعقد يتحمل مسؤولية ذلك. ‏

وكان لافتاً أن أكثر من مدرب أجنبي قدم إلينا ترك التدريب من تلقاء نفسه، ومن أبسط قواعد العمل أن يكون -كما أشرت- هناك شرط جزائي على من يخلي أي يترك العمل، ولو كان الاتحاد السوري لكرة القدم استبعد أياً من المدربين الأجانب هل كان هذا المدرب سيسامح بحقه أو يتخلى عنه، وعندها يستحق الغرامة، أما أن يقوم الاتحاد السوري لكرة القدم بمراضاة المدرب وهو الذي قدم اعتذاره عن العمل، فهذا لعمري منتهى الإسفاف في العمل وهدر للمال العام يجب أن يحاسب عليه من ارتكبه أياً كانت صفته. ‏

و أعتقد أن اتحادنا لو تمسك بحقوقه، وقام بمخاطبة الاتحاد الدولي لكرة القدم لحصل على حقوقه كاملة، إضافة للشرط الجزائي. ‏

وما يقال عن التخوف من الاتحاد الدولي لكرة القدم لاتخاذ عقوبات بحقنا فإنني أرى أن الاتحاد الدولي قد اتخذ الإجراءات بحقنا في الحرمان من المشاركة بالتصفيات، وبالتالي سنبقى مبتعدين عن المشاركة حتى عام (2015) ولذلك علينا مخاطبة الاتحاد الدولي بالقول: تأكيداً لعقوبتكم باتجاه اتحادنا ودعماً لقراركم قمنا بحل الاتحاد لممارساته المختلفة على أكثر من صعيد، والتي أساءت لكرة القدم السورية في أكثر من مجال. ‏

ويضاف إلى ذلك الفساد المالي، ومجرد ذكر ذلك لن يقف الاتحاد الدولي مع أي رئيس اتحاد، والدعوة إلى مؤتمر استثنائي لانتخاب البديل. ‏

وأيضاً هناك التزوير في لائحة الاتحاد التي حددت الثانوية العامة على الأقل لرئاسة الاتحاد، والمفاجأة أن رئيس الاتحاد غير حاصل على الشهادة الثانوية العامة، وعندها يقوم الاتحاد الدولي لكرة القدم بمعاقبته وإيقافه. ‏

وأريد العودة قليلاً إلى الوراء هنا لأشير إلى مسألة التعاقد مع المدرب الإيطالي النجم المعروف كابريني. ‏

وكان التعاقد معه مجاناً من قبل شركة راعية وطنية، وقد وافق الدكتور فيصل البصري رئيس الاتحاد الرياضي العام آنذاك على العقد، لكن المسؤول المالي ورئيس مكتب الألعاب الجماعية في المكتب التنفيذي آنذاك وقفا أمام نجاح عملية استقطاب المدرب كابريني. ‏

وحينها قال رئيس مكتب الألعاب الجماعية لأحد المسؤولين عن موضوع كابريني إذا وضعتني مشرفاً على الفريق مقابل مئة ألف ليرة سورية شهرياً سأستقيل من المكتب التنفيذي، كما كنت قد وضعت كرئيس للاتحاد في تلك الفترة اسم نائب رئيس الاتحاد الحالي مشرفاً على المنتخب وبراتب شهري مقداره خمسون ألف ليرة سورية، لكن الشركة الراعية والمدرب اعترضوا على تسميته مديراً فنياً، لأنها كانت محصورة بالمدرب، وعلى أثرها قام المذكور مع أمين السر في الاتحاد آنذاك بإثارة زوبعة حول التعاقد مع كابريني، ولم يسمح وقتها لأمين السر التدخل في شؤون التعاقد مع المدرب كابريني. ‏