لم يشغل بال الكثير من المثقفين موضوع
مثل مثلث برمودا والذي نسجت حوله الأساطير
والقصص والحكايات، وأنتج العديد من
الأفلام السينمائية عنه، وألف الكثير من
الكتب التي ترجمت إلى بعض اللغات العالمية
ومنها اللغة العربية. يقع حدود هذا المثلث
الافتراضي بين مدينة ميامي في ولاية
فلوريدا غرباً ومدينة سان خوان "جزر
البورتريكو" شرقاً وجزيرة صغيرة تسمى
برمودا في المحيط الأطلسي شمالاً
"انظر الخريطة المرافقة" وسمي المثلث باسم هذه الجزيرة
والتي تعتبر من أجمل المنتجعات السياحية في الولايات المتحدة.
لقد اقترن اسم المثلث بالخوف والغموض
وأن هناك تيارات مغناطيسية عنيفة تسحب
الطائرات التي تحلق في سمائه، ودوامات
مائية قوية تغرق السفن العابرة، وأن هناك
عرشاً للشيطان في هذا المثلث، إلى ما هنالك
من القصص الأخرى.
وكان أحد مراكز الأبحاث العلمية التي
زارها أعضاء النادي العلمي السعودي عام 2001م
في الولايات المتحدة هو مرصد أريسيبو الرادوي
الراداري في جزر البورتريكو والذي يقع في
طرف مثلث برمودا الشرقي، حيث قطع أعضاء
النادي 1060 ميلاً من مدينة أورلاندو بولاية
فلوريدا إلى مدينة سانت خوان في جزر البورتريكو.
كما قطعوا أكثر من 1600 ميل عبر المحيط الأطلـسي
باتجـاه جــزيرة برمودا شمالاً باسـتخدام خطـوط
الطيران الأمريكية "American Airlines".
إن الثروة الحقيقية للوطن الغالي هم أعضاء النادي
الذين سطروا هذا النجاح وحققوا هذا
الإنجاز بعبورهم هذا المثلث كأول بعثة طلابية
على مستوى العالم العربي، وكنت أهيئهم
قبل رحلة العبور بأنهم كبار ويتحملون
التبعات، أنمي فيهم روح المغامرة والتـحدي، وأغرس
فيهم الطموح والرغبة في رفع اسم
الوطن، كما طلبــت منهم عدم محادثة ذويهم
هاتفياً إلا بعد وصولنا لمدينة شيكاغو.
لقد التقط أعضاء النادي الكثير من الصور
على الطائرة، وهناك العديد من خطوط
الملاحة البحرية الدولية التي تمر في تلك
المنطقة وكذلك العشرات من خطوط الطيران
العالمية المتجهة من أوروبا إلى أمريكا الجنوبية
والعكس، ولم تختف طائرتنا في الحلقة
المغناطيسية المزعومة ولم تسحبها الجاذبية
الأرضية إلى أعماق المحيط الأطلسي، ولم
نشاهد عرشاً أسطورياً على مياه مثلث
برمودا، ولم تختطف من قبل الأطباق الطائرة
المجهولة "UFOs" التي تنطلق من قاعدتها
الفضائية في قاع المحيط الأطلسي لإجراء
الأبحاث على الطائرة وعلى ركابها.
إنني أؤكد من واقع عبور ومشاهدة "بأن
منطقة مثلث برمودا طبيعية شأنها كشأن
الشواطئ الأخرى في العالم، وأعتقد أن قصص
الاختفاءات المختلفة عنها ليست لها أدنى صحة
في أرض الواقع ويجب أن تمحى من عقول أجيالنا الناشئة.
أنقل لكم ما ذكره كبير علماء الإدارة الوطنية
للأنواء والمحيطات الأمريكية "NOAA" العالم
جون روبنسون عام 1993م عندما سأله أحد
أعضاء النادي عن مثلث برمودا وحقيقة
هذه المزاعم فقال: "إن مثلث برمودا وهم كبير
من صنع سينما هوليوود الذين استغلوا
عاطفة الإنسان وحبه للإثارة والمجهول
واستطاعوا بيع الأفلام والكتب بأرباح خيالية".
وأدعو المعلمين والمعلمات في مدارسنا
بأن يصححوا هذه المفاهيم الخاطئة في عقول
أبنائنا الناشئة، وأن لايتطرقوا في الفصول
الدراسية إلى القصص الخيالية التي ليس لها
وجود على أرض الواقع، رغم علمي بصعوبة
تقبل هذه الحقائق الجديدة، فتغيير
"فكر جيل" أصعب من تغيير أشياء مادية ملموسة.
لقد أوضح رئيس قسم الجيوفيزياء بهيئة
المساحة الجيولوجية الأمريكية "USGS"
الجهة المشرفة على زيارة أعضاء النادي
في الولايات المتحدة عام 2001 عند سؤاله
عن هذا الموضوع بقوله "لقد تم مســــح
شواطئ الولايات المتحدة، ورســـــمت
الخـــرائط الجيـــوفيزيائية بالموجــــات
الســــيزمية لقاع المحيط الأطلـــسي بما في
ذلك تلك المنطــــقة، وليــــس هناك أي شيء غير طبيعي".
ربما كان أعضاء النادي العلمي السعودي
أوائل الطلبة المتفوقين من مختلف مدن
ومحافظات المملكة هم من القلائل الذين
عبروا منطقة مثلث برمودا على مستوى
العالم العربي، واقتنعوا بأن ما أشيع عنه
عبارة عن معلومات غير صحيحة وتناقلتها
الأجيال من دون تحقق ويرون ضرورة
تصحيح تلك المفاهيم الخاطئة.
أتمنى من الطلاب والطالبات أن يتسلحوا
بالعلم والمعرفة وأن يطلعوا علي تجارب
الدول المتقدمة وطرق التفكير عندهم علمياً
وثقافياً مع المحافظة على ثوابتنا الإسلامية
الأصيلة، ويتعلموا فنون استخدام شبكة
الإنترنت الدولية ويتقنوا تعلم اللغة الإنجليزية، ليردموا
فجوة التقنية بيننا وبين الغرب بالعزيمة والإصرار والمثابرة