خالد الشرصى عضو ماسي
عدد الرسائل : 205 العمر : 36 ليسانس اداب - مكتبات ومعلومات المزاج : بفكر كتير نقاط تمييز : عضو مميز عارضة الطاقة : تاريخ التسجيل : 31/12/2008
| موضوع: العبادة في الشرع خضوع وحب 2/25/2009, 1:28 am | |
| أما شيخ الإسلام ابن تيمية. فهو ينظر إلى العبادة نظرة أعمق وأوسع، فهو يحلل معناها إلى عناصره البسيطة. فيبرز إلى جوار المعنى الأصلي في اللغة ـ وهو غاية الطاعة والخضوع ـ عنصرا جديدا له أهمية كبرى في الإسلام، وفي كل الأديان. عنصرا لا تتحقق العبادة ـ كما أمر الله ـ إلا به، وذلك هو عنصر "الحب" فبغير هذا العنصر العاطفي الوجداني لا توجد العبادة التي خلق الله لها الخلق، وبعث بها الرسل، وأنزل الكتب . وفي توضيح ذلك يقول شيخ الإسلام في رسالته عن "العبودية": "الدين يتضمن معنى الخضوع والذل. يقال: دنته فدان، أي أذللته فذل. ويقال: يدين الله ويدين لله: أي يعبد الله ويطيعه ويخضع له. فدين الله عبادته وطاعته والخضوع له". "والعبادة أصل معناها: الذل أيضا. يقال: طريق معبد، إذا كان مذللا قد وطئته الأقدام، لكن العبادة المأمور بها تتضمن معنى الذل ومعنى الحب، فهي تتضمن غاية الذل لله تعالى بغاية المحبة له. فإن آخر مراتب الحب هو التتيم، وأوله العلاقة، لتعلق القلب بالمحبوب ثم الصبابة لانصباب القلب إليه، ثم الغرام، وهو الحب الملازم للقلب، ثم العشق، وآخرها التتيم. يقال: تيم الله، أي عبد الله، فالمتيم: المعبد لمحبوبه". قال: "ومن خضع لإنسان مع بغضه له لا يكون عابدا له، ولو أحب شيئا لم يخضع له، لم يكن عابدا له. كما قد يحب الرجل ولده وصديقه. ولهذا لا يكفي أحدهما في عبادة الله تعالى، بل يجب أن يكون الله أحب إلى العبد من كل شيء. وأن يكون الله أعظم عنده من كل شيء، بل لا يستحق المحبة والخضوع التام إلا الله، وكل ما أحب لغير الله فمحبته فاسدة وما عظم بغير أمر الله فتعظيمه باطل. فقال الله تعالى: (قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره). وبهذا الشرح العميق لمعنى العبادة وحقيقتها، ندرك أن العبادة المشروعة لا بد لها من أمرين: الأول: هو الالتزام بما شرعه الله ودعا إليه رسله، أمرا ونهيا، وتحليلا وتحريما. وهذا هو الذي يمثل عنصر الطاعة والخضوع لله. فليس عبدا ولا عابدا لله من رفض الاستسلام لأمره، واستكبر عن اتباع نهجه. والانقياد لشرعه وإن أقر بأن الله خالقه ورازقه، فقد كان مشركو العرب يقرون بذلك. ولم يجعلهم القرآن بذلك مؤمنين ولا عبادا لله طائعين، فخضوع الإقرار بالربوبية لا يكفي، وخضوع الاستعانة في الكربات والاستغاثة في الشدائد لا يكفي، ولابد من خضوع التعبد والانقياد والاتباع الذي هو حق الألوهية. وبهذا يتحقق معنى (إياك نعبد وإياك نستعين). وأساس الخضوع لله تعالى هو الشعور الواعي بوحدانيته تعالى، وقهره لكل من في الوجود، وما في الوجود. فكلهم عبيده وخلقه، وفى قبضة قدرته وسلطانه. وفى هذا يقول القرآن الكريم: (ولله يسجد من في السموات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال، قبل من رب السموات والأرض، قل الله، قل أفاتخذتم من دونه أولياء لا يملكون أنفسهم نفعا ولا ضرا، قل هل يستوي الأعمى والبصير، أم هل تستوي الظلمات والنور، أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم، قل الله خالق كل شيء، وهو الواحد القهار). أساس الخضوع الله الواحد القهار هو الشعور الذاتي بالحاجة إلى من يملك الضر والنفع والموت والحياة، ومن له الخلق والأمر، ومن بيده ملكوت كل شيء، ومن إذا أراد شيئا قال له "كن" فيكون.. الشعور بالضعف أمام من يملك القوة كل القوة. والشعور بالجهل أمام من أحاط بكل شيء علما. والشعور بالعجز أمام من يملك القدرة كل القدرة، والشعور بالفقر أمام من يملك الغنى كل الغنى. وباختصار شعور العبودية المخلوقة الفانية الفقيرة بالذات أمام الربوبية الخالقة الأزلية الأبدية، المالكة لكل شيء، والمدبر لكل أمر. وكلما ازداد الإنسان معرفة بنفسه، ومعرفة بربه، ازدادت هذه المشاعر وضوحا وقوة، فقوى اعتماده على الله، واتجاهه إليه، وتوكله عليه، واستعانته به، وتذلله له، ومد يد الضراعة إليه، ووقوفه ببابه سائلا داعيا منيبا إليه. فإذا جهل الإنسان قدر نفسه، وجهل قدر ربه لم تمت هذه المشاعر، ولكنها تنحرف وتتحول فتبحث لها عن رب تتجه إليه، وتخضع له، وتنقاد إليه ولا بد، وإن لم تشعر بذلك، أو لم تسمه خضوعا، وانقيادا، ولم تسم مقصودها ربا وإلها. والثاني: أن يصدر هذا الالتزام من قلب يحب الله تعالى. فليس في الوجود من هو أجدر من الله تعالى بأن يحب؟ فهو صاحب الفضل والإحسان، الذي خلق الإنسان ولم يكن شيئا مذكورا، وخلق له ما في الأرض جميعا، وأسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة، وخلقه في أحسنتقويم وصورة فأحسن صورته، وكرمه وفضله على كثير من خلقه، ورزقه من الطيبات، وعلمه البيان، واستخلفه في الأرض، ونفخ فيه من روحه، وأسجد له ملائكته، فمن أولى من الله بأن يحب؟ ومن يحب الإنسان ـ إذن ـ إن لم يحب الله تعالى؟! إن أساس محبة الله تعالى هو الشعور بفضله ونعمته، وإحسانه ورحمته، والإحساس بجماله وكماله، فمن كان يحب الإحسان فالله هو واهبه وصاحبه، ومن كان يحب الجمال فالله هو مصدره، ومن كان يحب الكمال فلا كمال في الحقيقة إلا كماله، ومن كان يحب ذاته. فالله هو خالقه. فمن عرف الله أحبه، وبقدر درجته في المعرفة تكون درجته في المحبة، ولهذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم أشد الناس حبا لله؛ لأنه كان أعرفهم بالله، وكانت قرة عينه في الصلاة؛ لأنها الصلة المباشرة بين قلبه وبين الله، وكان في دعائه يسأل الله الشوق إلى لقائه، ولذة النظر إلى وجهه سبحانه. ولما خير بين البقاء في الدنيا وبين اللحوق بربه قال: أختار الرفيق الأعلى! أما علماء الكلام أو بعضهم ممن زعموا أن الحب الحقيقي لا يتصور من جانب العبد لله، وقالوا: إن معنى حب الله هو المواظبة على طاعته تعالى أما حقيقة الحب فهو محال، إلا مع الجنس والمثال، فقد رد عليهم الغزالي في "الإحياء" ردا مفصلا، مبينا أن الذي يستحق المحبة الكاملة بكل وجوهها، وكافة أسبابها هو الله وحده. إذا كان الله قد خلقنا لنعبده، أي لنطيعه طاعة مصحوبة بأقصى الخضوع، الممزوج بغاية الحب، ففي أي شيء تكون هذه الطاعة؟ ـ طاعة الخضوع والحب ـ وفي أي مجال يجب أن تكون؟ إن الجواب عن هذا التساؤل سيبين لنا حقيقة هامة، هي: شمول معنى العبادة في الإسلام، وسعة آفاقها. وهذا الشمول له مظهران: الأول: شمولها للدين كله وللحياة كلها. الثاني: شمولها لكيان الإنسان كله ظاهره وباطنه [/size] | |
|
خالد الشرصى عضو ماسي
عدد الرسائل : 205 العمر : 36 ليسانس اداب - مكتبات ومعلومات المزاج : بفكر كتير نقاط تمييز : عضو مميز عارضة الطاقة : تاريخ التسجيل : 31/12/2008
| موضوع: المصدر 2/25/2009, 1:47 am | |
| المصدر كتاب الحاجة للدين للشيخ يوسف القرضاوى | |
|
bouztel المدير العام
عدد الرسائل : 1699 العمر : 67 ادارة المنتدى المزاج : متزاعل انا والزعل وبكره النكد ومشتقاته نقاط تمييز : عارضة الطاقة : تاريخ التسجيل : 13/11/2008
| موضوع: رد: العبادة في الشرع خضوع وحب 2/25/2009, 4:10 am | |
| مشكور اخ خالد وضروري باي موضوع ديني تذكر المصدر او السند عشان ما يحصلش اي تساؤلات تقبل مروري | |
|