من هنا جائتني فكرة الموضوع : اسمعوا هذه القصة :
بينما كنت أركب سيارة على الطريق العام ، رأيت شاحنة قديمة محملة بالرمل وهي تكاد تعجز عن اكمال سيرها صعودا الى أعلى التل شديد الانحدار فلمحت ملصقاً على مؤخرتها يقول : (
أتحمل كل هذا التعب لأنني لم أتعلم )
فكرت كثيرا بعد أن قرأت هذه الجملة وانتابني شعور غريب ...... فقررت أن أكتب في منتدانا عن هذا الموضوع الهام الذي يحمل فكرة لطالما غفل البعض عنها ، ولطالما تمنيت من بعض الناس أن يفكرا بها ولو لبرهة .... ولكن للأسف كنت أفشل ..... فلعلي اليوم أستطيع ايصال هذه الفكرة المتواضعة أملة في إفادة أكبر قدر ممكن من الناس ..... بالطبع عرفتم عما أتحدث .... أنني أتحدث عن التعليم وضرورة أن يكمل الانسان تعليمه ليصل بعلمه الى أعلى المراتب .... ويحتل مكانته المناسبة في المجتمع ......
ماذا تنتظرون ...... ماعليكم الا اتخاذ القرار والارادة .... فإرادة الانسان أقوى من أي شيء ... لنرى قصة هذه المرأة
اليوم ..اليوم اتخذ القرار
كانت ربة بيت و أم لأربعة أولاد، الابن الأكبر لديه 17عاماً و الثاني 12و الثالث 8 سنوات و الأصغر 5 سنوات، حياتها الزوجية مستقرة و هادئة. وفي يوم من الأيام وجدت نفسها محبطة ويائسة من حياتها، وبدأت تناقش إحدى صديقاتها عن المسؤول عن تحديد مصير الإنسان، هل هو الإنسان؟ أم هي الظروف؟! ، و توصلت مع صديقتها إلى نقطة هامة هي أن الإنسان هو الذي يحدد مصير نفسه وليست الظروف هي التي تصنعه, ثم توصلت إلى نتيجة هامةأدت بها إلى أن تسأل نفسها بصوت مسموع أمام صديقتها أسئلة صريحة في لحظة صدق مع النفس :
أين أنا على خريطة العالم؟ ماذا صنعت لنفسي؟ وماذا حققت لذاتي؟ وأين هي طموحاتي؟ وأحلامي وآمالي؟ الآن.. الجميع في سباق مع الزمن إلا أنا خرجت من المدرسة لكي أتزوج و أنا في سن السابعة عشر في الصف الثاني الثانوي، وجلست في البيت بعد الزواج و تفرغت لتربية الأولاد، صحيح أني أربي جيل و أخدم زوجي وأساعد كل فرد في الأسرة لكي يحقق هدفه، أما أنا فأين أهدافي ؟!و أين أنا من هذا كله؟!
وتقول عن نفسها أنها إنسانة فاشلة ما بدأت برنامجاً قط في حياتها إلا و فشلت فيه و لم تكمله :
• دخلت المدرسة حتى وصلت إلى الصف الثاني الثانوي و لم تكمل تعليمها.
• بدأت في تعلم الطباعة لكي تحصل على وظيفة و لكنها لم تكمل البرنامج.
• بدأت في تعلم الخياطة ووجدتها مهنة سخيفة و مملة، و توقفت بعد عدة أيام.
• بدأت العمل في حضانة الأطفال، وتركت العمل بعد عدة شهور نتيجة لبعض الصعوبات.
ولكنها أخيراً اتخذت القرار أن تغير في حياتها، و وضعت خطة بأن تستكمل تعليمها.
• في البداية واجهت بعض الصعوبات، لكنها تغلبت عليها، فكانت أول خطوة قامت بها أنها دخلت امتحان الثانوية العامة و نجحت بتقدير مقبول.
• الخطوة الثانية التحقت بالجامعة (كلية التجارة) حيث واجهت مجموعة من الصعوبات و لكنها تغلبت عليها جميعها، فكل مشكلة وجدت لديها الحل، وحصلت على البكالوريوس بعد أربع سنوات.
• حصلت على الماجستير في إدارة الأعمال بعد ثلاث سنوات دراسية في الجامعة.
• وهي الآن تحضر للدكتوراه !!
و تتجلى في هذه القصة الواقعية أهمية القرار، فباتخاذ القرار الجاد القوي انقلبت حياتها رأساً على عقب
و حققت النجاح في رسالتها الشخصية.
هنا أيضاً :هذا المحامي الفاشل أصبح واحداً من أشهر مهندسي بريطانيا بعد أن جاوز الخمسين من عمره.
يا له من مستودع للمواهب، لم تمسه يد، ذلك الذي كان يختفي داخل هذا الرجل الذي تصور في لحظة من لحظات حياته أن الفشل هو كل نصيبه من هذه الحياة
يروي برنالد هالدين في كتابه(( كيف تجعل من النجاح عادة ؟ )) قصة رجل جاوز الثالثة و الأربعين من عمره جاءه يوماً و هو يقول:
(( درست القانون و أنا أعمل اليوم محامياً، و لكنني أشعر بعد مرور خمسة عشر عاماً على ممارستي لهذه المهنة، أنني لم أحقق النجاح الذي كنت أتطلع إليه و أنا طالب في كلية الحقوق، لم أكمل تعليمي بعد!))
و قال هالدين : (( و قلت للرجل: عد إلى سنوات طفولتك و صباك، حاول أن تتذكر عملاً قمت به و شعرت بلذة و متعة و أنت تؤديه، ألم يكن لك أي ميول أو اتجاهات أخرى في أي مجال؟)) . و جلس الرجل صامتاً يفكر فترة طويلة ، و في النهاية بدأ يتكلم و كأنه تذكر شيئاً ... و بدأ يروي قصته، قال: (( لقد كان والدي يمتلك بندقية صيد كبيرة .... و كان قد كف عن ممارسة هواية الصيد لفترة طويلة ثم قرر فجأة أن يعود إليها، و بحث عن بندقيته فعلاً وجدها كان الصدأ قد علاها، و أصبحت غير صالحة للاستعمال فما كان منه إلا أن ألقى بها جانباً و قرر العدول عن الخروج مع رفاقه للصيد!..
و كنت يومها صبياً لم أتجاوز الثالثة عشرة من عمري، و كنت أحب والدي كثيراً، و ما كدت أراه يعود ويشعل الغليون ويضعه في فمه، و يجلس في ملل يرقب النار المشتعلة في المدفأة، حتى شعرت بالأسف من أجله!
و عدت إلى البندقية و حملتها في هدوء إلى غرفتي، ثم أغلقت الباب عليّ، بعد أن قررت بيني و بين نفسي، أن أفعل كل ما في وسعي لأعيدها إلى ما كانت عليه. و في اهتمام شديد، رحت أفك أجزاءها قطعة بعد قطعة ثم نظفتها و أزلت الصدأ الذي كان يكسوها، و أعدتها إلى ما كانت عليه، إنني لا أستطيع أن أنسى ذراعي والدي القويتين و هما يرفعانني في الهواء ثم يهبطا بي مرة أخرى و هو يصيح فليباركك الله يا بني ) عندما عدت إليه ببندقيته صالحة للاستعمال مرة أخرى.. لقد أحسست يومها بفخر و زهو لا يعادلهما شيء في الدنيا .. لقد منحني والدي يومها جنيهاً مكافأة لي)).
و يقول هالدين وعدت أسأل صاحبي : هل قمت بأعمال مماثلة بعد ذلك، هل أعدت محاولتك لإصلاح شيء خرب في البيت؟(
قال نعم، فعلت، لقد أصلحت ماكينة الحياكة التي يملكها أمي، و أعدت التيار الكهربائي بعد أن قطع مرة عن البيت، و أصلحت دراجة أختي الصغيرة ... وفي كل مرة كنت أجد متعة و أنا أقوم بهذه الأعمال).
و قلت للرجل أخيراً: (( إن مكانك يا صديقي في مصنع كبير لا في مكتب المحاماة! )) .
- و لكنني درست القانون لأن والدي أراد لي هذا الطريق!...
- و لماذا لا تدرس الهندسة؟! ...
- وهل أستطيع أن أعود طالباً بعد أن جاوزت الأربعين؟! ...
- بالضبط .. التحق بكلية الهندسية و تعلم، فقد خلقت لتكون مهندساً!
فماذا لو بدأت من جديد ...؟؟؟
ولماذا نرى البعض ممن لم يتجاوز عمرهم الثلاثين يضعون العقبات و الأعذار ويتململون عندما نواجههم بضرورة إكمال تعليمهم وأن الحياة في تطور وتقدم فلا يجب الوقوف هنا ، ومازال القطار ينتظرهم فليسارعوا ويركبوه .......
أرجو أن يكون كلامي الذي سبق دعما وسندا لكل من لم يكمل تعليمه (فالذي توقف عند البكالوريا مثلا أو التاسع أعتبره ممن يشمله هذا الموضوع طبعا) ليدفعه الى اعادة النظر في حياته وأفكاره وأن الحياة تتطلب هذا فإن كان اليوم يعيش في هناء على هذه الحال فإنه غداً سيندم ويقول ياليت في وقت لن ينفع فيه الندم فيه ....
وعذرا للإطالة .......
(ملاحظة : قصة المرأة والمحامي من موقع الأديب)
.