العقرب يبوح بسره النووي، كيف؟ فهذا العقرب الذي يصل طوله إلى حوالي 20 سنتيمترا،
لا يجاريه في صومه وزهده ولا حتى فقراء الهنود المستلقون على المسامير الحادة لفترة طويلة،
كما لا يصل إلى تحمله في الحرمان من الطعام والشراب أشد الممتنعين عن الطعام، فالعقرب
يستطيع أن يتابع صومه لمدة 3 سنوات كاملة دون طعام أو شراب، ويستطيع العقرب
كتم أنفاسه تحت الماء متربصا هادئا دون أي أكسجين لمدة يومين بالكامل، وإذ وضع في
الثلاجة في درجة الحرارة تحت الصفر أو نقل بعدها إلى درجة حرارة الصحراء ذات 60 درجة،
فإنه يتكيف بشكل مدهش مع كل التبدلات المريعة في درجة الحرارة، وإذ وضع في حمام من
الجراثيم ذات الذيافين الفظيعة التي تنهك وترهق الإنسان وتورثه المرض فإنه يمر بها،
كما لو كان يأخذ حماما لطيفا دون أي مرض أو عطب ولا يتأثر بدنه البتة، وأما تحمل
العقرب لجرعة الإشعاع النووي فهي تصل إلى 300 ضعف الكمية السمية القاتلة من الإشعاع،
وهي تلك التي يقضي الإنسان بها نحبه، ويصبح بعدها رميما، ويعود الفضل في مقاومته للأشعة النووية،
إلى أن ما يدور في أحشائه ليس دما أحمر كالذي نملكه نحن البشر، بل إن ما يجري في عروقه
هو عصير (مصل) أصفر يقوم بدور أساسي في ترميم الخلايا المدمرة من الإشعاع النووي،
ويبدو أن هذه الخاصية الدفاعية قد تشكلت عنده منذ فترة طويلة، فهو كائن يعيش على الأرض
منذ حوالي 500 مليون سنة (نصف مليار سنة)، ويبدو أن هذه الفترة السحيقة التي عاشها
وهو يواجه كل أنواع الإشعاعات الكونية شكلت فيه جهازا دفاعيا متميزا، وتمت التجربة
على الجرذان بحقنها بـ(سيروم) العقرب المخفف والمعدل ثم عرضت للأشعة النووية فارتفعت
عندها المقاومة بشكل هائل وبسرعة، ويتفق الباحثون المختصون في (العقارب) اليوم على
أن كل السر مختبئ في التركيب الجيني له، ولذا فان فك هذا السر في مدى السنوات العشر القادمة
سوف يقفز باتجاه حل هذا اللغز، خاصة بعد تجاوز الحرب الباردة وكثرة استخدام الطاقة في
الإغراض السلمية، فيمكن تطوير لقاح خاص لا يقدر بثمن لحماية العاملين في المؤسسات النووية.
سبحان الله وله في خلقه شؤون