وهذا فيه قوه جيده ظاهره فى الدلاله على انها جنه المأوى ، وليست تخلو عن نظر .
وقال اخرون : بل الجنه التى اسكنها ادم لم تكن جنه الخلد ، لانه كلف فيها الا ياكل من تلك الشجره ، ولانه نام فيها واخرج منها ، ودخل عليه ابليس فيها ، وهذا مما ينافى ان تكون جنه المأوى .
وهذا القول محكى عن ابى بن كعب ، وعبد الله بن عباس ، ووهب بن منبه ، وسفيان بن عيينه ، واختاره ابن قتيبه فى " المعارف " ، والقاضى منذر بن سعيد البلوطى فى " تفسيره " وافرد له مصنفا على حده .
وحكاه عن ابى حنيه الامام واصحابه رحمهم الله . ونقله ابو عبد الله محمد بن عمر الرازى ابن خطيب الرى فى " تفسيره " عن ابى القاسم البلخى وابى مسلم الاصبهانى . ونقله القرطبى فى " تفسيره " عن المعتزله والقدريه ، وهذا القول هو نص التوراه التى بايدى اهل الكتاب .
وممن حكى الخلاف فى هذه المسأله ابو محمد بن حزم فى الملل والنحل ، وابو محمد بن عطيه فى " تفسيره " ، وابو عيسى الرمانى فى " تفسيره " - وحكى عن الجمهور الاول - وابو القاسم الراغب والقاضى الماوردى فى " تفسيره " فقال " : واختلف فى الجنه التى اسكناها يعنى ادم وحواء على قولين : احداهما انها جنه الخلد . والثانى جنه اعدها الله لهما وجعلها دار ابتلاء ، وليست جنه الخلد التى جعلها دار الجزاء .
ومن قال بهذا اختلفوا على قولين : احداهما انها فى السماء لانه اهبطهما منها ، وهذا قول الحسن ، والثانى انها فى الارض لانه امتحنهما فيها بالنهى عن تلك الشجره التى نهيا عنها دون غيرها من الثمار . وهذا قول ابن يحى ، وكان ذلك بعد امر ابليس بالسجود لادم ، والله اعلم بالصواب من ذلك . هذا كلامه . فقد تضمن كلامه حكايه اقوال ثلاثه ، واشعر كلامه انه متوقف فى المسأله .
يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع