الوفاة الإكلينيكية للحياة الزوجية

الوفاة الإكلينيكية للحياة الزوجية


من عجب أن يتمكن الأطباء من تشخيص حالة موت جذع المخ لمصاب بغيبوبة عميقة، فى الوقت الذى يعجزون فيه عن تشخيص حالة موت جذع مخ الحياة الزوجية.. للأزواج المصابين بغيبوبة عاطفية عميقة!! تلك الحالة التى تتسم بالحدة والطرافة بسبب التناقض الحاد بين ظاهرة التزاوج وواقع الانفراد، بين الشراكة المفترضة واجتماع الأضداد، بين الابتسامة الصفراء والغيظ البنفسجى، بين الكلام المعسول والفعل المسموم، بين القلب النابض والعاطفة المتجمدة!!

ففى الوقت الذى ينام فيه الزوجان على فراش واحد، ويُغلق عليهما باب واحد، ويظلهما سقف واحد.. تفصل بينهما وسادة أشبه ما تكون بالجدار العازل، خشية اختلاط الحابل بالنابل..! وهى حالة بردت فيها أطراف العاطفة برودة موت، فلا تشعر بحرارة الشمس ولا تمتد، ويقابلها حالة صد ورد وسد! وعندما يقومان من نومهما الذى يدخل من باب (نوم الظالم عبادة) يتقمص هذا الزوج دور فيروس (سى/السيد) تقابله الزوجة بدور (ست/الستات) ويدور صراع خفى بينهما على طريقة الحرب الباردة بين سيدة العالم والمرحوم (الاتحاد..)!

وتبقى العلاقة قائمة رغم ما بها من توتر وفساد، كالعلاقة بين الصومال وتشاد، وبين مصر وقطر، وبين المغرب والجزائر، وبين سوريا ولبنان، وبين ليبيا والسعودية، وبين الكويت وبغداد.. والأعجب من هذا أن يحرص كلا الزوجين على الظهور بمظهر الرضا التام عن الطرف الآخر - فقط - أمام الناس.. لتتحول الحياة الزوجية إلى مجرد تمثيلية بطلاها نجحا فى التمثيل، وفشلا فى واقعهما المرير! فلا تخدعنكم مظاهر السعادة الزوجية التى تبدو على بعض الأزواج بالنهار، فقديماً قالوا ومازالوا يقولون (البيوت أسرار)!!